يعتبر الإعلام أحد أهم الأدوات التكنولوجية الحديثة، والتي يمكن توظيفها لخدمة أهداف متعددة قد تكون اقتصادية أو سياسية أو علمية .. إلخ، وقد…

يعتبر الإعلام أحد أهم الأدوات التكنولوجية الحديثة، والتي يمكن توظيفها لخدمة أهداف متعددة قد تكون اقتصادية أو سياسية أو علمية .. إلخ، وقد تستخدم بشكل عفوي أو مخطط طبقًا للقائمين عليها والهدف منها، وقد تكون مفيدة؛ تسهم في مسيرة التنوير والتنمية ونهضة المجتمعات، أو ضارة؛ تكرس الفساد والاستبداد وتشرعن وجوده وتخدم بقاؤه واستمراره.

ولقد مر الإعلام منذ نشأة الصحافة المقروءة وحتى وقتنا هذا بالعديد من المراحل التطورية – متمشيًا مع مسيرة التقدم التكنولوجي – والتي مكنته من الاستفادة من العديد من الخصائص التكنولوجية وتطويعها لخدمة أهدافة؛ فاستُخدمت المؤثرات الصوتية في الإذاعة، واستخدمت الصورة في التلفزيون والفضائيات، وأخيرًا استخدمت أدوات الملتيميديا عبر الإنترنت والإعلام الاجتماعي.

أولاً: وظائف الإعلام:

 يؤدي الإعلام وظائف متعددة تتحدد بناءً على الأهداف التي تنشدها المؤسسة المالكة للوسيلة الإعلامية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو تكنولوجية ..إلخ. من جهة. ومن جهة أخرى سواء كانت هذه المؤسسة محلية أو إقليمية أو دولية. كما يمكن أن تتأثر الوظيفة الإعلامية بتوجهات السلطة السياسية في بعض المجتمعات الغير الديموقراطية فتصبح مساندة النظام الحاكم إحدى وظائف الإعلام. وتتلخص وظائف الإعلام فيما يلي(1):

  1. تلبية لحاجة أعضاء المجتمع لحب الاستطلاع والمعرفة، حيث تقوم وسائل الإعلام بتوفير كافة المعلومات المتعلقة بالظروف المحيطة بالمجتمع وتقدمها للناس على هيئة نشرات للأخبار السياسية والفنية والرياضية ..إلخ.
  2. نقل التراث الثقافي من جيل إلى جيل كما تساهم في عملية التنشئة الاجتماعية.
  3. الترفيه والتسلية لأبناء المجتمع.
  4. يؤدي الإعلام أيضًا وظيفة سياسية وذلك من خلال مساعدة النظام الاجتماعي والسياسي للحفاظ على كيانهما وذلك بإقناع الجماهير بجدوى النظام السياسي القائم(2).

كما يمكن أن يؤدي الإعلام وظائف تنموية في ضوء توجه الدولة نحو التنمية تتحدد فيما يلي(3):

  1. الإسهام في الشعور بالقومية: حيث إنه بدون الشعور بالقومية لا يستطيع أي مجتمع اختراق الحاجز الاقتصادي نحو التحديث.
  2.  أن يكون صوت التخطيط القومي: تقوم وسائل الإعلام بتغذية أنساق الاتصال المحلية من خلال نقل المعلومات التي تسهم في فهم الحاجات وإجماع الآراء على الخطط القومية.
  3. المساهمة في تعلم المهارات الضرورية: سواءً من ناحية تعليم القراءة والكتابة (حتى يصبح بمقدور المواطنين المشاركة بشكل فعال) أو من ناحية تلقين الخصوصيات التقنية النوعية بما يتوازى مع التقدم التكنولوجي.
  4. المساهمة في توسيع السوق الفعال: ويشمل ذلك الدعاية والإعلان اللذان يلعبان دورًا كبيرًا في توسيع السوق.
  5. المساعدة في القيام بالأدوار الجديدة: حيث يعد الإعلام المواطنين للقيام بالأدوار الجديدة والاضطلاع بالمسئوليات الجديدة، ومواجهة المشكلات الجديدة.

وتلعب وسائل الإعلام عمومًا دور الوسيط، فهي تؤثر بدرجة كبيرة في أي نقاش عام. من خلال تسليط الضوء على القضايا والجهات المعنية بها، وبإمداد الجمهور بتفسيرات للقضايا، وتحديد ما يفكر الناس فيه، وكيف يفكرون. كما أن وسائل الإعلام وُجدت لتعبر عن رأي جمهورها بغرض زيادة نجاحهم الاقتصادي ولإعطاء الجمهور صوتًا من خلال إذاعة أصوات من الشارع، واستطلاعات الرأي، ورسائل إلى المحررين. وبالتالي، يتم نقل رأي المواطنين للرأي العام. لهذه الأسباب، يمكن اعتبار التغطية الإعلامية للمناقشات “مرآة للرأي العام”(4).

ومع تطور البث الفضائي تزايدت وظائف الإعلام واتخذت طابعًا دوليًّا، ويمكن عرض بعض هذه الوظائف كالتالي:

  • وظائف الإعلام الدولي:

يعتبر فهم الوظيفة أو الهدف وراء الحضور الإعلامي بشكل معين هو مفتاح هام لترجمة الرسائل الاعلامية الدولية. وتتضمن وظائف الاعلام الدولي ما يلي(5):

  1. تعزيز المجتمع العالمي: وتعتبر تكنولوجيا الإعلام قادرة على توحيد ثقافات مختلفة معًا. ومن أول الأمثلة لذلك ما سمي بــ”القرية العالمية global village” وهو مصطلح ظهر في (1952)، عندما كان تتويج الملكة إليزابيث يبث عبر كل الدول ويُحتفل به عبر العالم. كما أن هناك مثال أحدث من ذلك حدث في (2010)، عندما انهار منجم في كوبيابو في تشيلي، محاصرًا (33) من عمال المنجم تحت الأرض لمدة (69) يوم. حيث أمكن إيصال كاميرا فيديو صغيرة إلى عمال المناجم المحاصرين والتي أبقت الجماهير حول العالم على اطلاع أولاً بأول على الموقف، وكنتيجة لذلك، تبرعت الجماهير حول العالم بنحو الثلث من تكلفة الإنقاذ والبالغ قيمتها (20) مليون دولار، ودعم عملية الإنقاذ، بالإضافة إلى مساعدات شخصية إلى هؤلاء العمال.
  2. نشر المعلومات: توجد اختلافات هائلة في الطريقة التي تنتج وتوزع بها العديد من الدول الأخبار. وعند مقارنة تغطية حدث جاري معين في عدد من الصحف الدولية يكشف ذلك عن اختلافات دراماتيكية في المتابعة والمحتوى وحتى المحددات الثقافية المختلفة للأخبار. على سبيل المثال في الصحف الغربية، نجد أن الأخبار عن العالم الثالث وآسيا تميل إلى أن تكون مثيرة، بينما التغطية الإخبارية للشئون الغربية تظهر مقدار أكبر من التوازن بين التغطية السياسية العادية والأخبار المثيرة.
  3. البروباجندا: وتشير إلى التطور المنظم ونشر المعلومات لبث الرؤى والاهتمامات لمجموعات معينة. وقد حدد هارولد لاسويل Harold D. Lasswell أربعة أهداف أساسية للبروباجندا في الحرب:
  4. لكي تستثير الكراهية ضد العدو.
  5. لكي تحمي الصداقة مع الحلفاء.
  6. لكي تحمي الصداقة مع المحايدين وشراء تعاونهم بقدر الإمكان.
  7. لكي تضعف معنويات العدو.

ثانيا: أسس ومقومات العمل الإعلامي:

تتعدد أسس ومقومات العمل الإعلامي، ويرى الباحث أنها تشتمل على بعض الخطوط العريضة التي تتمثل في المصداقية والموضوعية وتلبية احتياجات الجمهور، ولقد لخص الباحثان الأمريكيان كاتليب وسنتر Cutlip and Center أسس ودعائم الاتصال الإعلامي الناجح في العناصر (السبعة) التالية(6):

  1. مصداقية المصدر: الثقة العالية من جانب الجمهور في المصدر هي أساس التعرض للرسالة والقابلية للاقتناع بها. وهذه الثقة تنشأ من تخصص المصدر ومقدرته على معالجة الموضوع بالإضافة إلى مهاراته الاتصالية، ومركزه الاجتماعي.
  2. التعبير عن الواقع: ينبغي أن تتفق الرسالة مع الواقع المحيط بها وأن تتمشى مع الأحداث التي تجري في المجتمع.
  3. المعلومات التي لها مغزى: فالمستقبل لابد أن يجد في الرسالة مضمونًا يعنيه ويتفق مع نظامه القيمي. كما أن الأفراد يتابعون مواد الاتصال التي تحقق لهم أكبر فائدة وتشبع عندهم رغبات معينة.
  4. الوضوح: يجب أن تصاغ الرسالة في عبارات سهلة. وأن تعني للمستقبل نفس ما تعنيه للقائم بالاتصال. كما أنه ينبغي تبسيط الموضوعات المعقدة وعرضها في أسلوب جذاب. ومن الضروري أن يكون للمتحدث خطًا فكريًّا واضحًا يعبر عن السياسة التي يمثلها بشكل ثابت.
  5. الاستمرارية والاتساق: الاتصال عملية مستمرة لا تنتهي كما أن التكرار ضروري لضمان نسبة التعرض للرسالة وإدراكها على النحو المقصود. والتنويع في التكرار ضروري لزيادة المثيرات الإقناعية التي تتسق مع ظروف الأفراد والجماعات.
  6. إمكانات المستقبل: ينبغي أن يضع القائم بالاتصال في اعتباره قدرات الجمهور المستهدف على استيعاب الرسالة أو ما يعرف بمهارات المستقبل في إكمال العملية الاتصالية من حيث المعرفة، والقدرة على القراءة وعادات الاتصال.
  7. الوسائل المناسبة: ينبغي اختيار الوسائل التي يتعرض لها الجمهور المستهدف والتي تصلح لتناول الفكرة المطروحة تبعًا لمراحل انتشارها. فالاتصال الجماهيري له دور فعال في إثارة الانتباه إلى الفكرة بينما الاتصال الشخصي هو الوسيلة الحاسمة في الإقناع بالسلوك المرتبط بهذه الفكرة.

ثالثًا: أهداف الإعلام:

تتنوع أهداف الإعلام بشكل كبير وفقًا للأهداف التي تنشدها المؤسسة الإعلامية، والسياق السياسي والاجتماعي العام، وقد حدد هايبرماس Hurgen habermas المهام التي يجب أن تهدف وسائل الإعلام في النظام الديموقراطي تحقيقها فيما يلي(7):

  1. مراقبة البيئة الاجتماعية والسياسية، ووصف التطورات التي من المحتمل أن تصطدم إيجابيًّا أوسلبيًّا برفاهة المواطنين.
  2. وضع أجندة ذات هدف، تحدد القضايا الرئيسية والقوى التي يمكن لها حل هذه القضايا.
  3. تيسير الحوار بين أصحاب وجهات النظر المختلفة، وكذلك بين السلطة والجمهور العام.
  4. خلق آلية توضح لحاملي المسئولية كيف يمكن لهم ممارسة السلطة.
  5. تقديم حوافز للمواطنين للتعليم، والاختيار، ولدمجهم في الحياة.

رابعًا: العوامل المؤثرة في فاعلية وسائل الإعلام:

هناك عوامل متعددة تؤثر على فاعلية وسائل الإعلام وقدرتها على التأثير والتغيير وقيادة المجتمعات، ومن هذه العوامل يذكر الباحث ما يلي:

  1. عوامل ترتبط بالتقدم والتحديث:

وهذه العوامل يمكن التعبير عنها بالمتغيرات التالية(8):

  • متغيرات البيئة: وهي كافة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي قد تكون مساعدة لوسائل الإعلام على إحداث التأثير والتغيير، أو تكون عوامل تضعف فاعلية وسائل الإعلام.
  • متغيرات الوسيلة: وهي العوامل المتعلقة بوسائل الإعلام ومصداقيتها، وتنوعها، وشمولها، وتجانسها، وهل هي متشابهة ومتسقة أم لديها تنوع وتعددية إعلامية.
  • متغيرات المحتوى: يلعب المحتوى وقدرته على الاستمالة، والإقناع، والتنوع، والتكرار، والجاذبية، وإشباع حاجات المتلقي، دورًا مهمًا في فاعلية تأثير وسائل الإعلام.
  • متغيرات الجمهور: وهي لها دلالة كبيرة في فاعلية تأثير وسائل الإعلام، حيث يختلف الأفراد في خبراتهم، وثقافتهم، وتعرضهم الانتقائي لوسائل الإعلام، وقابليتهم للتأثر، بل إنه أحيانًا يستجيب الشخص الواحد بشكل مختلف لنفس المحتوى وفقًا لظروفه الصحية أو النفسية أو الاجتماعية.
  • متغيرات التفاعل: إن آلية التفاعل وطريقته وهل هو جماعي أم فردي، كل ذلك يحدد مدى فاعلية تأثير وسائل الإعلام.
    • التأثير على اللوائح الإعلامية بواسطة الحكومات:

تتشابه الدول في اللوائح الحكومية الخاصة بالإعلام – سواء في النظم الاستبدادية، أو الشيوعية، أو حتى الليبرالية – لكن طريقة التطبيق على أرض الواقع تجعل هذه الدول مختلفة تمامًا عن بعضها البعض. وربما تساعد العوامل السياسية والاقتصادية والثقافية على تفسير الاختلافات في طرق التطبيق. لنلقي نظرة على كل واحدة(9):

التأثير السياسي: ويشير التأثير السياسي إلى أنماط السيطرة التي يستطيع أن يمارسها المسئولون. فالقادة في بعض الدول يمتلكون سيطرة أكبر لكي يفرضوا إرادتهم على مؤسسات دولتهم أكثر مما يفعله القادة في بعض الدول الأخرى. فمثلاً. ديكتاتور لديه جيش قوي لينفذ أوامره سوف يكون قادرًا تمامًا على أن يمارس تحكمًا مباشرًا بدرجة أكبر على محطات تلفزيون وجرائد دولته، أكثر من ديكتاتور لم يشعر بعد بالقوة الكافية لكي يجذب كل جانب من مجتمعه تحت سيطرته.

التأثير الاقتصادي: ويشمل تكلفة التنفيذ لأنماط معينة من اللوائح. على سبيل المثال، بعض الحكومات ربما تجد التحكم في وسائل الإعلام مكلفًا للغاية، بينما حكومات دول أخرى ربما لا تكون منزعجة بهذه التكلفة. مثال آخر. إن دولة تحمل المسئولية الاجتماعية للتقدم ربما تستخدم أموال الضرائب لكي تحافظ على نظام بث تلفزيوني تعليمي نشط (خيار مكلف)، بينما دولة أخرى ربما تجبر محطات التلفزيون ذات الملكية الخاصة لكي تخصص عدد معين من الساعات يوميًّا للتعليم (خيار أقل تكلفة). وبالمثل، فإن بعض الشعوب ربما تمرر قوانين تفوض الحكومة في استخدام التمويل اللازم لكي تساعد المدارس على الاتصال بالإنترنت، بينما دول أخرى لا يمكنها تحمل مثل هذه الجهود المكلفة.

التأثير الثقافي: وهو يرتكز على الظروف التاريخية والتي قد تجعل المجتمعات تقبل نظام إعلامي معين دون آخر. على سبيل المثال، نجد أن القوانين في ألمانيا تجعل من غير القانوني لأي وسيلة إعلامية في الدولة أن تتكلم لصالح الإيديولوجية النازية، أو أن تنكر التدمير الألماني المتعمد ليهود أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك في محاولة منها لكي تحمي الشعب من تكرار النازية الماضية البشعة. ومثل هذه القوانين مما لاشك فيه تعتبر غير دستورية في دولة أخرى مثل الولايات المتحدة.

  • درجة تقدم المجتمعات:

ويختلف الأداء الإعلامي في الدول المتقدمة عنه في الدول النامية لأسباب ترتبط بالعملية السياسية أو التنموية في أغلب الأحوال. ويمكن أن يعرض الباحث لطبيعة الأداء الإعلامي في كلا المجتمعين كالتالي:

  •  الإعلام في الدول النامية:
  • تعمل وسائل الإعلام على توسيع الآفاق وخلق الشخصية القادرة على فهم الغير وتبني نظرة جديدة متفحصة، كما تعمل على تحطيم قيود المسافة والعزلة، وتنقل الناس من المجتمع التقليدى إلى المجتمع الحديث، ويؤدى توسيع الآفاق إلى تنمية صفة التفتح السمح والاستثمار بالغير لدى الأفراد وهو ما يطلق عليه بعض الباحثين (التقمص الوجدانى) الذى يعطي الفرد القدرة على أن يرى نفسه مكان الآخرين مما ييسر عملية المشاركة والتبادل التي تعتبر أساس عملية التنمية والتغير الاجتماعى.
  • تسهم وسائل الإعلام فى خلق المناخ الصالح للتنمية عن طريق رفع التطلعات وبعث المطامح لدى الأفراد فى سبيل حياة أفضل عليهم أن يعملوا على تحقيقها، وتقديم كل ما يغير من واقع المواطنين الثقافى والاقتصادى إلى واقع أرقى حتى يمكنهم الإسهام الإيجابى فى تطور بلادهم، ويذهب كلا من (ديفيد ماكليلاند David C. McClelland) خبير الإدارة والعلوم السلوكية و(دانيال ليرنر Daniel Lerner) خبير الإعلام التنموى إلى أن وسائل الإعلام تستطيع تعلية تطلعات الشعوب النامية شريطة أن يكون هناك قدر من التوافق بين ما يثار الناس لأجله وبين ما يمكنهم الحصول عليه وأن تسعى الحكومات لسد الحاجات التى تخلقها وسائل الإعلام والأمر يحتاج لخطة إعلامية مدروسة حتى لا تتحول التطلعات إلى إحباطات وتذمر(10).
  •  الإعلام في الدول المتقدمة:

وفي هذا البناء المجتمعي القائم على الديمقراطية التي تضمن إتاحة المجال لحصول الأفراد على المعارف والمعلومات دون تشويه أو تزييف فما تقدمه وسائل الإعلام من معلومات يمتاز بما يلي(11):

  • دقة المعلومات المقدمة.
  • تحديد مصادر المعلومات.
  • اعتماد الأمانة والصدق والموضوعية.
  • السعي نحو خدمة التعليم والتنوير والتثقيف.
  • الموضوعية والوضوح.
  • الاستقلالية التي تمكن من أداء مهام النظام الإعلامي بحرية.

ولكي تتحقق تلك الغايات فقد انتهجت أوروبا سياسة لملكية وسائل الإعلام تضمن التعددية والاستقلالية. فالقناعة العامة بأن تنوع أو تعددية وسائل الإعلام بات هدفًا شرعيًّا للسياسة العامة في تلك الدول.

لكنه – إضافة إلى المملكة المتحدة – نجد أن أغلب دول الاتحاد الأوروبي تفرض بعض القيود الخاصة على ملكية وسائل الإعلام، هذه القيود تعتبر في مرتبة أعلى من القوانين المحلية المتعلقة بحماية حرية الإعلام وأعلى كذلك من القانون الخاص بالاتحاد الأوروبي. ووجود هذه القيود الخاصة يعكس تخوفًا لدى هذه الدول من اتساع السيطرة الإعلامية لفئات معينة على فئات أخرى، واعتراف بالدور الفريد الذي يلعبه النظام الإعلامي المتنوع والمتعدد القائم في الحفاظ على التنوع الثقافي والتماسك الاجتماعي والديمقراطية(12).

  • الإعلام كظاهرة اجتماعية:

مما سبق يمكننا أن نقرر أن وسائل الإعلام – بصفة عامة – ظاهرة اجتماعية تختلف باختلاف المجتمعات على مر العصور. كما أن ما نطلق عليه اسم وسائل الإعلام الجماهيرية، والتي تقوم بنقل الأفكار في رسائل مطبوعة أو إلكترونية بين الأفراد والجماعات تسمح للإنسان الاجتماعي الذي يتصل بأمثاله أن يتغلب على عنصري الزمان والمكان، أي إننا نعد وسائل الإعلام وسائط لنقل التفاعل بين أفراد المجتمع الإنساني الكبير. كذلك فإن لوسائل الإعلام قواعد تحكم السلوك المهني للأفراد العاملين بها، هذه القواعد لا تتصل بفرد دون آخر ولكن تشمل جميع العاملين في قطاع الإعلام، ومن المفترض أن تطبق القواعد على الجميع في حالة سيادة القانون، أما في غير ذلك فإنه يعتبر خللاً وظيفيًّا يؤثر ويتأثر بقطاعات وأنظمة عديدة داخل المجتمع(13).


(1) محمود حمدي عبد الغني، البناء والنظم والتغير الاجتماعي، مؤسسة حورس الدولية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2002، ص.ص 186-190.

(2) عصمت عدلي، سوسيولوجيا التشريعات الإعلامية والإعلام الأمني، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 2003، ص218.

(3) المرجع سابق، ص.ص 217، 218.

(4) Martin wettstein, content analysis of mediated public debates: methodological framework for a computer-assisted quantitative content analysis, university of zürich, institute of mass communication and media research (ipmz), national centre of competence in research (nccr) challenges to democracy in the 21st century working paper no. 74, p2.

(5) Andrew Smith, Don Miller, Julie Smith, and Nikole Brown: Media Literacy Keys to Interpreting Media Messages. Fourth Edition, Art Silverblatt, California, 2014, P 483.

(6) علي عجوة، الإعلام وقضايا التنمية، مؤسسة عالم الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة، 2008، ص.ص 9، 10.

(7) نها أنور سليمان، الإعلام وقضايا الإصلاح في العالم العربي، دار العالم العربي، القاهرة، 2011، ص 121.

(8) فهد بن عبد الرحمن الشميمري، التربية الإعلامية: كيف نتعامل مع الإعلام؟، مكتبة الملك فهد الوطنية، السعودية – الرياض، 2010، ص 60.

(9) Joseph Turow, Media Today: An Introduction to Mass Communication, 4th Edition, Routledge, New York, 2011, P 75.

(10) عاطف عدلي العبد ونهى عاطف العبد، الإعلام التنموي والتغير الاجتماعي: الأسس النظرية والنماذج التطبيقية، دار الفكر العربي، القاهرة، 2007، ص 68.

(11) مها سامي فؤاد المصري، دور النظام السياسي العربي في إعاقة بناء مجتمع معرفة عربي، رسالة ماجستير منشورة، جامعة النجاح الوطنية، كلية الدراسات العليا، نابلس – فلسطين، 2005، ص.ص 151، 152.

(12) Gillian Doyle, Media Ownership: The economics and politics of convergence and concentration in the UK and European media, SAGE Publications Inc, London, 2002, P 148.

(13) منال أبو الحسن، أساسيات علم الاجتماع الإعلامي، دار النشر للجامعات، القاهرة، 2007، ص 46.