هناك العديد من العوامل التي تؤثر على الأداء الإعلامي، وتعيق تقدمه نحو إحداث التغيرات الاجتماعية المنشودة، ومن أهم هذه المعوقات ما يلي: (1)…

هناك العديد من العوامل التي تؤثر على الأداء الإعلامي، وتعيق تقدمه نحو إحداث التغيرات الاجتماعية المنشودة، ومن أهم هذه المعوقات ما يلي:

  1. غياب الموضوعية: هناك العديد من أشكال التحريف في صياغة الأنباء وتحريرها تقوم به وكالات الأنباء العالمية والصحف والإذاعات الدولية. وقد أشار أحد المسئولين بوكالة رويتر البريطانية إلى قضية الموضوعية في تقديم الخدمة الإعلامية وأكد أنها خدعة. والحقيقة أن رويتر وجميع العاملين فيها يعبرون عن النظرة البريطانية في كل أنشطتها. كذلك يؤكد ميليا Millia أن وكالات الأنباء الغربية أثبتت بصورة قاطعة أنها عنصر فعال تعتمد عليه اﻟﻤﺠتمعات الرأسمالية، ولا يمكن لهذه الوسائل أن تتغاضى عن هدفها ووظيفتها في نشر أفكارها ومعتقداتها عن طريق نشر محدد ومتحيز للحقائق التي اتفق عليها ورحبت بها المحافل الغربية كتفسير عالمي للأحداث. ومع ذلك فوسائل الإعلام الدولية لا تقوم من تلقاء نفسها بنشر وترويج إيديولوجيات الغرب؛ فهي تخضع لأشكال ومستويات عديدة من الرقابة الحكومية التي تتدخل في شئونها وتحدد لها الأولويات(1).
  2. موقف الأسرة من الفضائيات: وثمة مضامين إعلامية تريد من الشباب أن يكون سياسيًّا يستهلك الأطروحات الإيديولوجية والسياسية المطروحة عليه، في حين تسعى مضامين أخرى إلى أن يكون كائنًا استهلاكيًّا مجردًا في زمن الاستهلاك اللامعقول. تقوم البرامج الموجهة بقتل عقل المشاهد بمواد لا فائدة منها لتجعله في النهاية إنسانًا فارغًا، وتحاول أن تتحكم في تصوراته ومعتقداته ليكون سلبيًّا ومطواعًا وقابلاً للتوجيه وفق غايات الإمبراطورية العالمية!. وفي هذا المجال لابد من تدخل الأهل من أجل ضبط مشاهدة أبنائهم للتلفزيون مع تقدير ملكات الشاب ورغباته بما يتناسب ونوعية البرامج وخصوصيتها. وهنا نؤكد على احترام رأي الشاب، ولكن بتحديد وقت المشاهدة وعدم تركه لساعات طويلة أمام التلفزيون، وذلك عن طريق الحوار والمناقشة، والابتعاد عن القسر التعسفي، وجعل الحوار عفويًّا طبيعيًّا، ومنعهم من مشاهدة أفلام العنف، فالتعرض المتكرر لوسائل الإعلام العنيفة يعلم العنف، ويحفز من لديهم الاستعداد للتصرف بعدوانية. وربما كانت معدلات جرائم القتل أصدق مقياس للعنف في العالم، فعلى سبيل المثال تشير دراسة أجريت على أطفال المدارس في الولايات المتحدة إلى أن التعرض المتكرر لبرامج التلفزيون العنيفة يزيد من احتمال أن يسلك الأطفال سلوكًا أكثر عدوانية، إلا أن التقاليد الثقافية القوية في اليابان المضادة لتعبيرات العدوان الخارجي قد تكبح بالفعل جماح العنف الذي يتم تعلمه من خلال وسائل الإعلام(2).
  3. تهميش المرأة: إن مختلف الدراسات الإعلامية حول صورة المرأة في الصحافة التي تم إعدادها في نطاق تحليل مفهوم نظام جديد للإعلام في المستوى العالمي وحتى المستوى العربي تتفق على أن وسائل الإعلام لا تولي عناية كافية للقضايا التي تهم المرأة بصفة خاصة، ولا تهتم بالإسهام الاجتماعي والاقتصادي الذي تقدمه، ولكل ما يتعلق بالحركات النسائية. وفي نفس الوقت فإن هذه الدراسات تقر بأن وسائل الإعلام ليست السبب الأساسي لوضع التبعية الذي تعاني منه المرأة، وليس بإمكانها وحدها أن تصحح الأوضاع في هذا اﻟﻤﺠال، إذ أن الأمر يعود لأسباب راسخة في البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وفي مواقف تحددها عوامل حضارية، ولن يتسنى إيجاد الحلول إلا بإحداث تغييرات جذرية، إلا أنه بإمكان وسائل الإعلام أن تسهم كثيرًا في الحث على التغيير لو أنها تتخلى عن تركيز الصور التقليدية في الأذهان، وتسعى إلى تهيئة الرأي العام ومساعدته على تقبل صورة المرأة المعاصرة في ثوبها الجديد وتدعيم نهضتها بالتفهم والعمل السديد(3).
  4. رفض التحديث: يميل الأفراد إلى رفض الأفكار الجديدة وخاصة إذا تعارضت مع معتقداتهم السابقة، ويرى المتخصصون في هذه الناحية أن أجهزة استقبال الاتصالات لدى الأفراد تعمل كمصفاة متقنة؛ بحيث يميل الفرد إلى ملاحظة الأشياء والأفكار التي تتفق مع معتقداته وآرائه الحالية، كما يميل إلى تجاهل أي شيء يتعارض مع معتقداته(4).
  5. الشك السياسي: ويظهر هذا العامل في احتقار العرف والتقاليد والرأي العام والأخلاق الشائعة، وتسفيه العمل السياسي وعدم الثقة في رجال الحركة السياسية(5).
  6. اللامبالاه أو الخمول: ويتمثل في عدم الاهتمام بالأفراد أو المواقف أو الظواهر، وعدم الاعتراف بالمسئولية الشخصية وتحملها(6).
  7. الاغتراب: وهو شعور الفرد بأن المجتمع والسلطة لا يحسان به ولا يعنيهما أمره، وبأنه لا قيمة له في المجتمع، ويؤدي ذلك إلى فقدان الفرد الحماس والدافع للمشاركة الفعالة، وقد ربط بعض الباحثين بين الاغتراب والشخصية المتسلطة؛ مما قد يفسر ظهور بعض الجماعات المتطرفة حول العالم(7).

(1) عواطف عبد الرحمن، قضايا التبعية الإعلامية والثقافية، عالم المعرفة، الكويت، 1984، ص 58.

(2) خضر بن كامل محمد اللحياني، أثر الفضائيات على المراهقين والمراهقات في المملكة العربية السعودية من وجهة نظر التربويين والتربويات، رسالة دكتوراه منشورة، الولايات المتحدة، جامعة كولومبس، كلية التربية، قسم الإعلام، ص.ص 62، 63.

Also available at: http://www.jarwan-center.com/download/أثر-الفضائيات-على-المراهقين-والمراهق-2

(3) مصطفى المصمودي، النظام الإعلامي الجديد، عالم المعرفة، الكويت، 1985، ص 196.

(4) الدسوقي عبده إبراهيم، وسائل وأساليب الاتصال الجماهيرية والاتجاهات الاجتماعية: تحليل نظري، دار الوفاء للطباعة والنشر، الإسكندرية، 2004، ص 40.

(5) إنشراح الشال، مدخل إلى علم الاجتماع الإعلامي، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة، 1985، ص 172.

(6) المرجع السابق، ص 172.

(7) المرجع السابق، ص 172.